الثورة بين الواقع والمأمول
مما لا يدع مجالاً للشك أن هذه الثورة المباركة لاقت ارتياح وقبول وترحيب وإعجاب كل شريف على أرض الكنانة بل على وجه المعمورة بأسرها ؛ لأنها وضعت الشباب والمواطن المصرى وأم الدنيا فى مكانتهم الحقيقة والتى كانت مسار فخر واعتزاز من الجميع على مر العصور
وكم كنت سعيداً سعادة بالغة لعدة أسباب ؛
أولها : أننى تأكدت أن شباب مصر بخير وأنهم قادرون على حمايتها وإحداث التغيير ، وأن الثورة قد ألفت بين القلوب وحسنت السلوك .
ثانياً : أن نسبة الشباب الذى أفسده النظام السابق بسياساته الخاطئة ليس بالكثير ممن تعرضوا لمسح العقول وسلب الإرادة والتعاطى مع حزب ونظام مات سريرياً . والذين كان لهم دور بارز فى محاربة وإقصاء كل شريف يعمل بإخلاص من أجل وطنه لإحساسهم بالضآلة والوهن وخوفاً على مقاعدهم من أن يعتليها الشرفاء وهاهم حصدوا ما زرعوا .
ثالثاً : هناك صنف ثالث من الشباب وهو شباب الطبقة غير المثقفة أو قليلة الثقافة وهم الذين انزلقت أقدامهم فى الطريق الذى راهن عليه أعداء مصر وبالتحديد الموساد لتدمير هؤلاء بالمخدرات والجنس وثقافة اللامبالاة . وهم موجودون فى طبقات المجتمع المختلفة وبفضل الله هم قلة ، ولكنهم خطيرون على أمن المجتمع ذاته لقيامهم بأعمال بلطجة واقتناء أسلحة بيضاء ونارية علاوة على إفساد آخرين . لذلك أؤكد على ضرورة معالجة هؤلاء . لكن حتى هؤلاء كانوا فى جانب الثورة أملاً فى مستقبل أفضل . لذلك تأكدت أن مصر بخير وأن مستقبلها واعد .
رابعاً : ظهور جماعة الإخوان المسلمون بمظهر حضارى مسئول يدل على أنهم واعون بما يحدث فى الداخل وما يحاك بمصر فى الخارج وأعلنوها واضحة بأنهم ليسوا طلاب سلطة وكنت دائماً أنظر إليهم على أن أنهم إضافة لقوى العمل والإنتاج وحب مصر ؛ ينبغى التحاور معهم ومشاركتهم فى العمل الشعبى والاجتماعى والدينى . فهم فصيل فى المجتمع لا يمكن إقصاؤه
وكم اُّتخِذَ رأيى هذا بنوع من الشك والريبة مع أننى لا أميل إلى الانضمام إلى أى جماعة أو أحزاب بعد ما لاقيت من اضطهاد وإقصاء لاحتجاجى على الاختيارات التى لا تمثل تطلعات الجماهير فى المجلس الشعبى والحزب منذ عامين أو ثلاثة .
خامساً : المشاركة الفعالة للطوائف المسيحية فى الثورة وانخراط الجميع فى نسيج واحد لا فرق بين هذا وذاك مما يؤكد على تماسك ومتانة الروابط بين أبناء الشعب .
سادساً : بفضل الله علمت أن هناك فى هذا الوطن أصواتاً وفية لا تنسى الجميل فقد خرج الكثيرون ليعلنوا شكرهم للرئيس ومؤكدين على عدم إهانته أو تناسى تاريخه العسكرى المشرف وفترتى رئاسته الأوليين الذى أعطى فيهم الكثير إذن فمصر بخير ما دام فيها الوفاء .
سابعاً : ولا يجب أن نغفل الدور العظيم للقوات المسلحة والتى كان لها الفضل فى خروج الثورة بهذه المكاسب فهى كما تحمى حدودنا ببسالة وشرف تحمى الداخل بحب ومسئولية .. بارك الله فى جيش مصر العظيم .
أما ما أخذته على بعض الشباب:
1-التعجل الشديد فى جنى ثمار الثورة وهم محقون لكى تكتمل الفرحة ولكن ليس على حساب عدم إتمام إجراءات تعديل سليمة للدستور توقعنا فى شرك صيادى الثغرات . وماذا يقلقنا يا شباب هل ثقتنا بالنفس مهزوزة ؟!!! أود أن لا تكون كذلك لأنكم أو بمعنى أصح لأننا أى بعد انضمام قوى الشعب إليكم قوة لا يستهان بنا وأصبحنا قادرين على أن نقول لا وألف لا .
2-لجوء البعض إلى أسلوب التشفى وحب الانتقام دون التمييز بين الصالح والطالح من أعضاء الحزب الوطنى فهناك رموز فاسدة ومضللة وهناك شرفاء كانوا فى محاولات مستميتة للإصلاح وهناك من أخذ جانباً على مسمى العضوية فقط ولكن دون أى مشاركة أو نشاط يذكر وهم أناس مخلصون لوطنهم لا ينبغى معاداتهم أو تحييدهم فهم شريحة ليست بالقليلة فقد ندخل فى حلقة مفرغة من المنازعات التى لا داعى لها الآن وأن نركز كل الجهد على كيفية أن نعمل سوياً على مساعدة البلاد والخروج بها إلى نهضة شاملة فى جميع مناحى الحياة . وأرجو أن لا يفهم البعض أننى أدافع عن هذا الحزب فصلتى مقطوعة به منذ عامين أو ثلاثة احتجاجاً على أوضاعه التى لا ترضى أحداً . بل أقول ذلك من باب ما لك وما عليك وبكل الحب والأمل فى عهد جديد يسوده التعاون والمحبة والإيثار .
3-وجدت أن أسلوب بعض الشباب الصغير لا يليق فى التحدث عن الكبير فلقد علمنا الإسلام احترام الكبير وأن ننسب الفضل إلى أهله وأن لا يأخذنا الغضب فننسى من كان له فضلٌ علينا لأن من أهم مقومات النجاح الاحترام المتبادل بين الناس .
أما ما آمله بعد الثورة :
1-هو أن تضع الرجل المناسب فى المكان المناسب فلا مجال لواسطة أو محسوبية أو رشوة .
2-أود أن أرى وزراء بفكر المرحوم / طلعت حرب – الذى أسس لصناعات عظيمة وتجارة قام أحفاده ببيعها (الخصخصة(
3-أود أن أرى المصانع فى كل مكان فى مصر والجميع يعمل بلا كسل أو توانى وأن نعمل من خلال هدف وخطة طويلة الأمد وكفانا النظر أسفل أقدامنا.
4-أود أن يمثل مجلسا الشعب والشورى جميع أبناء مصر فلم أَرَ فى المجلس مثلاً من يمثل عمال المحليات لأنهم الأعلم بمشاكل المجتمع ، ولم أجد من يمثل عمال الصناعة لكى يتحدثوا عن مشاكلها حتى من كانوا يمثلون الفلاحين معظمهم إقطاعيون بدليل ما تعرض له الفلاح مؤخراً لأنه لم يجد من يعرض مشكلاته ويتصدى لحلها
5-أود أن أرى سلوكاً مختلفاً للمواطن المصرى فلا أجد من يتطاول بالقول أو الفعل على بنى وطنه وأن تختفى كل مظاهر البلطجة التى ظهرت مؤخراً فى المجتمع من حملة السكاكين والسنج والسيوف والقضاء نهائياً على تلك الظاهرة وتجريم حمل وتجارة واستخدام هذه الأدوات ووضع عقوبات صارمة توفر لكل مواطن أمنه وأمانه .
6-أود أن أرى تأدباً من السائقين على الطرق العامة فلا يسرق طريق أخاه ولا يؤذى بأضوائه أو آلة التنبيه الخاصة به وكذلك الاحترام المتبادل بين السائقين والمواطنين
7-أود أن أرى مواطناً متعاوناً يساعد نفسه ويساعد الجهات المختصة على خدمته أى إذا كان طابور – لا قدر الله – لابد أن يلتزم كل بدوره
دون السطو على غيره إلا فى بعض الحالات الإنسانية فلها استثناء
وأيضاً التعامل بأسلوب متحضر فى التعامل مع القمامة فينبغى الفصل بين مكونات القمامة بحيث توضع كل مادة فى كيس على حده لكى يسهل التعامل معها وحل مشكلاتها وإيجاد حل لطائفة جمع الخردة من القمامة حيث تقوم بتفريغ القمامة على الأرض لحصد ما بها محدثين حالة من الفوضى وانتشار القاذورات فى كل مكان .
8-أود أن أرى صناعاً وتجاراً وطنيين يرحمون معاناة الناس دون احتكار أو استغلال أو جشع وكذلك القضاء على مواقع الاحتكار بالبلاد والحد من قدرتها مثل الحديد والأسمنت والأخشاب وكافة خامات الإنتاج لأنها هى السبيل إلى حل مشكلة العمالة وتشجيع الصناعات
9-مراجعة كافة قرارات تحصيل رسوم الخدمات مثل الكهرباء والمياه ورخص السيارات الصغيرة والموتوسيكلات وخاصة بالنسبة لمحدودى الدخل من العاملين بالدولة وغيرهم فينبغى تخفيض الرسوم لهؤلاء
10-حل جميع المشاكل المتعلقة بسلبيات قانون 119 الخاص بالبناء الموحد وخاصة الأبنية التى يقال عنها خارج الحيز العمرانى مع أنها أقيمت قبل عمل الحيز وحرمانها من الخدمات وعدم مراعاة البعد الاجتماعى حيث أن حال القرى ليس كحال المدن
11-عدم إرباك الناس بقانون الضريبة العقارية بالقرى على أن يطبق على المدن والأماكن السياحية فكل ما يبنى فى القرى هو للاستخدام الشخصى للأسرة والأبناء حاملين هذا العبء المفروض أن تتحمله الدولة لتوفير سكن وعمل له ولأسرته
12-هناك أعداد هائلة من التكتك والموتوسيكلات دون ترخيص ولا تستفيد منها الدولة بأى رسوم ينبغى وفوراً وضع نظام للاستفادة من هذه المبالغ الطائلة لمساعدة خزينة الدولة
13-يرجى وضع عقاب لمروجى الشائعات الكاذبة سواء أكانت فى حق الدولة أو حق أشخاص لضمان استقرار المجتمع
14-المساواة بين جميع قطاعات الدولة فى الأجور على أن يجازى من له طبيعة عمل خاصة تتطلب زيادة أو مكافأة فى حدود المعقول والقضاء على اللامعقول وغيلان نهب المال العام .
15-بودى أن أرى جهاز شرطة يتعامل مع الناس باحترام وعدم تعالٍ فكلنا سواء كما أطلب من الناس أيضاً التعامل باحترام مع هذا الجهاز العظيم فدوره هام وضرورى ونؤكد أن الثقة موجودة والحب موجود فكلنا أخوة وإن قدر لجهاز أمن الدولة الاستمرار أعتقد أنه لابد من تغيير سياساته التى تعتمد على بعض المرشدين الكاذبين المضللين الذين يشوهون كل من لم يدين لهم بالولاء والذين كانوا سبباً فى انهيار الحزب الوطنى وانخفاض شعبيته . وأتمنى أن لا تكون هناك أى زيارة لأى مواطن ليلاً بحكم الدستور والقانون العادل . وأعتقد أن التقارب بينهم وبين الشعب سيجعل من الشعب كله جهاز شرطة لمساعدتهم واتضح ذلك من خلال عمل اللجان الشعبية
16-يرجى تشكيل لجنة تضم المعلمين القدامى والخبراء وأساتذة الجامعات ورجال الصناعة والتكنولوجيا لوضع خريطة تعليمية جديدة تساعد مصر على الخروج من الكبوة .
17-تشكيل لجنة أو سن قانون لحماية المواطن المصرى من جشع المحامين والأطباء وأماكن تأدية الخدمات التى تستغل المواطن أبشع استغلال دون مراعاة لأى ظروف فينبغى تحديد الدخل من كذا إلى كذا ... لكل الفئات.
18-ينبغى احترام الموظف العام بصفة عامة فى التعامل معه وعدم الخروج عليه بالقول أو الفعل من بعض الجاهلين وكذلك احترام سيادة الدولة بالمحافظة على القوانين وحسن تطبيقها مع عدم استخدام وسائل تخص أجهزة الدولة فقط مثل سارينة الإسعاف والنجدة والمطافى من قبل الأهالى حتى لا توجد لامبالاة بين الناس .
19-أقترح أن تقوم القوات المسلحة بتبنى مشاريع الإعمار واستزراع الأراضى وكذلك مصانع إنتاج فى كافة المجالات تتبناها هيئة التصنيع لتشغيل الشباب فى مختلف أنحاء الجمهورية على أن توفر لهم الإقامة اللائقة والطعام والأجر المناسب فمن أراد الاستمرار تقدم له قطعة أرض صغيرة لبناء مسكن لكى يتزوج وينظم حياته أو تُُقدم له شقة فى هذه المجتمعات الجديدة على أن يكون هناك مكتب للقوات المسلحة بكل المراكز
بكل المحافظات لاختيار هؤلاء ونقلهم فى أفواج إلى مواقع العمل وإعادتهم
20-هناك عدد كبير من المدمنين بين الشباب أقترح أن تقوم القوات المسلحة (جهاز الخدمات الطبية والشئون المعنوية) بالتعاون مع وزارة الصحة بإقامة مراكز لعلاج المدمنين تكون بسيطة وإعادة تأهيلهم للانخراط فى المجتمع كقوة منتجة ، وأرجو المعذرة لأننى أثقلت الحمل على جيشنا البطل لثقتى الكبيرة فى جديته ونجاحه
21-وضع نظام شامل ليكون سبيلاً للجميع للحد من مشاكل العشوائية فى كل شيء وعلى سبيل المثال أن تكون هناك مسافة محدودة بين كل ورشة وأخرى أو محل وآخر فى ذات المجال مثل طريقة ترخيص الصيدليات لأن هناك أصحاب عقول فارغة يتسببون فى خسائر كبيرة لغيرهم بسبب الحقد والحسد والطمع فيما أيدى الآخرين
22-تبنى فكرة مشاريع المشاركة المجتمعية فى حملات كبيرة تستمر أسبوع أو أكثر مثل حملة (يلا نظف بلدنا) (يلا نخضر بلدنا(
)هيا نحسن سلوكنا) (أسبوع للتوعية المرورية) (أسبوع للتوعية البيئية(
)أسبوع للتوعية من مخاطر الإدمان والمخدرات) (تعليم زراعة أسطح المنازل) مع توفير كل وسائل الدعم الحكومى لهذه المشاريع .
وهناك الكثير لتحقيق النهضة الشاملة فهناك الكثير من المفكرين والمخترعين المطلوب سماعهم والعمل بما يفيد من اقتراحاتهم وتحويل أبحاثهم إلى واقع
أما وصيتى لكل مصرى يريد النهضة بوطننا الحبيب هى:
1- وقف جميع الوقفات الاحتجاجية والتعدى على الأراضى الزراعية حتى تكون هناك حكومة شرعية تقوم بدراسة وحل هذه المواضيع وقيادة البلاد نحو مستقبل أفضل
2- تشجيع شراء واستخدام المنتج المصرى حتى لو كانت جودته أقل قليلاً من غيره لكى يعمل أبناؤكم لأنه فى شراء كل منتج هناك توفير فرصة عمل ، كما أطلب من أصحاب المصانع بذل الجهد لتحقيق أسعار منافسة ومنتج أفضل
3- المحافظة على استهلاك المياه والكهرباء لما لها من كلفة كبيرة تدعمها الدولة وذلك للمحافظة على المال العام للاستفادة به فى خدمات أخرى للمجتمع
4- وقف استيراد السلع الترفيهية والغذائية مثل بعض الحلويات والمشروبات والألعاب إلخ ... والتى لها بديل فى بلادنا أو يمكن الاستغناء عنها نهائياً مثل فانوس رمضان وخلافه لما فى ذلك من تبديد للعملة الصعبة
وهذا قليل من كثير وأظننى قد أطلت عليكم لكن كل ما أرجوه هو أن يسود الحب والاحترام بين الناس من أجل مستقبل أفضل لبلادنا وتحية لروح شهدائنا الأبرار لهم منا كل الحب والعرفان بالجميل
خالص حبى وتقديرى ،،،
الشاعر / أسامه هلال عجور